ورد على سيف الدولة الخبر آخر نهار يوم الثلاثاء لست خلون من جمادي الآولى سنة أرابع وأربعين بأن الدمستق وجيوش النصرانية قد نزلت ثغر الحدث في يوم الأحد ونصبت مكايد الحصون عليه، وقدرت أنها فرصة لما تداخلها من القلق والانزعاج والوصم في تمام بنايته على يد سيف الدولة، ولأن ملكهم ألزمهم قصدها وأندهم بأصناف الكفر من البلغر والروس والصقلب وغيرهم، وأنفذ معهم العدد، فركب سيف الدولة نافراً وانتقل إلى موضع غير الموضع الذي كان به، ونظر فيما وجب أن ينظر فيه في ليلته، وسار عن حلب غداة يوم الأربعاء لسبع خلون، فنزل رعبان، وأخبار الحدث مستعجمة عليه لضبطهم الطرق، وتقديرهم أن يخفى عليه خبرهم، فلما أسحر لبس سلاحه وأمر أصحابه بمثل ذلك وسار زحفاً، فلما قرب من الحدث عادت إليه الطلائع أن عدو الله لما أشرفت عليه خيول سيف الدولة على عقبة يقال لها العوافي رحل ولم يستقر به دار. وامتنع أهل الحدث من البدار بالخبر خوفاً من كمين يعترض الرسل. فنزل سيف الدولة بظاهرها، وذكر خليفته بها أنهم نازلوه وحاصروه فلم يخله الله من نصر عليهم إلا في نقوب نقبوها في فصيل كان قديماً للمدينة، وأتتهم طلائعهم بخبر سيف الدولة في اشرافه على ثغر رعبان، فوقت الاصيحة وظهر الاضطراب، وولي كل فريق على وجهه، وخرج أهل الحدث فأوقعوا ببعضهم وأخذوا آلة حربهم فأعدوا في حصنهم فقال أبو الطيب هذه القصيدة.