غزا سيف الدولة من حلب وأبو الطيب معه، وقد أعد الآلات لعبور أرسناس، فاجتاز بحصن الران وهو في يده. ثم اجتاز ببحيرة سمنين ثم بهنزيط. وعبرت الروم والأرمن أرسناس. وهو نهر عظيم لا يكاد أحد يعبره سباحة إلا جره وذهب به لشدته وشدة برده، فسبح الخيل حتى عبرته خلفهم إلى تل بطريق. وهي مدينة لهم. فغرق جماعة. وأحرق تل بطريق وقتل من وجد بها. وأقام أياماً على أرسنساس وعقد بها سماريات يعبر السبي فيها. ثم قفل، فاعترضه البطريق في الدرب بالجيش. وارتفع في ذلك الوقت سحاب عظيم. وجاء مطر جود. ووقع القتال تحت المطر، ومع البطريق نحو ثلاثة آلاف قوس. فابتلت أوتار القسى فلم تنفع. وانهزم أصحابه، ثم انهزم بعد أن قاتل وأبلى، وعلقت به الخيل فجعل يحمي نفسه حتى سلم. فقال أبو الطيب هذه القصيدة وأنشدها لسيف الدولة بآمد، وكان دخوله إليها منصرفاً من بلاد الروم في آخر نهار يوم الأحد لعشر خلون من صفر سنة خمس وأربعين وثلاثمائة.