سار سيف الدولة نحو ثغر الحرث لبنائها، وقد كان أهلها أسلموها بالأمان إلى الدمستق سنة سبع وثلاثين، فنزلها سيف الدولة يوم الأربعاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادي الأولى سنة ثلاث وأربعين، وبدأ في يومه فخط الأساس وحفر أوله بيده ابتغاء ما عند الله جل ذكره. فلما كان يوم الجمعة نازله ابن الفقاس دمستق النصرانية في نحو خمسين ألف فارس وراجل من جموع الروم والأرمن والروس والبلغر والصقلب والخزرية، ووقعت الماصفة يوم الاثنين انسلاخ جمادي الآخرة من أول النهار إلى وقت العصر، وأن سيف الدولة حمل عليه بنفسه في نحو خمسمائة من غلمانه وأصناف رجاله فقصد موكبه وهزمه، وأظفره الله تعالى به وقتل نحو ثلاثة آلاف من مقاتلته، وأسر خلقاً من اسحاريته وأراخنته، فقتل أكثرهم واستبقى البعض، وأسر توذس الأعور بطريق سمندوبة ولقندوبه وهو مهر الدمستق على ابنته، وأسر ابن ابنة الدمستق، واقام على الحرث إلى أن بناها ووضع بيده آخر شرافة منها في يوم الثلاثاء لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب، فقال أبو الطيب هذه القصيدة.