دكين البدوي
المكان :
حلب
تاريخ النشر
:
2023-12-05
تاريخ الحكاية :
950
قال لي دكين البدوي: كان معز الدولة، بسنجار، وكان يعرض بين يديه فرساً له جليل القيمة، في أقرب المواضع إلى مبيته. فطمعت في سله، وأعملت الحيلة في ذلك، فلم أتمكن. إلى أن جئت ليلة من الليالي، فوجدت بعض السواس، وقد نزع جبة صوف عليه، وهو نائم، وقد طرحها إلى جنبه، فلبستها، وجئت إلى الفرس، وأخذت المخلاة من رأسه لأحلّه وأركبه. فلما طرحت المخلاة، استيقظ معز الدولة، وأحسست بحركته، فأخذت الغربال، وطرحت به باقي الشعير الذي كان في المخلاة، وسردته، وأعدته إلى المخلاة، وأوهمته أني أحد السواس، وقد فعلت ذلك متفقداً للفرس. فلما رآني أفعل ذلك، صاح بالفارسية، بكلام فهمت معناه: حسبه من الشعير، لا ترده إلى رأسه. فتركت المخلاة، ومرح الفرس يطلبها. فقال معز الدولة بالفارسية: قصر عليه. فتمكنت من الحيلة، وأهويت إلى الرسن، فحللته، موهماً له أني أقصره، واستويت على ظهره وصحت به، فخرجت من العسكر. وصاح الأمير معز الدولة، وركب سرعان العسكر في طلبي، فما زلت أركض، وخلفي جماعة، حتى حصلت في شعب طويل، وهم ورائي. فاستقبلني قوم من العلافة، رأيتهم على بعد، من ضوء مشاعلهم، ومعهم عسكر. فقلت في نفسي: يا دكين، اليوم يومك، وراءك عسكر، وأمامك عسكر، فإن ملكوك، لم يوصلوك إلى معز الدولة، إلا ميتاً، وليس غير الإقدام على ما تقدر فيه النجاة. فقام في نفسي أن أحمل على من هو أمامي، وليس لهم علم بخبري، فسللت سيفاً كان معي، فوق ثيابي، وتحت الجبة التي لبستها من ثياب سواس معز الدولة، وحركت وهم لا يروني، لأنهم في الضوء، وأنا في الظلمة. فلما قربت منهم، صحت بهم صياحاً عظيماً، فقدروني ابتداء خيل قد كبستهم، تريدهم. وأقبلت أحمل على واحد، واحد، وأنا أضرب، فيتوقاني، وأحذره، إلى أن تخلصت منهم، وجريت. ولحقت بهم الخيل التي كانت خلفي، وتشاغلوا بمساءلتهم عني قليلاً، ففت الفريقين. وحملت الفرس إلى الشام، فبعته على سيف الدولة، بثلاثة آلاف درهم، ودحت في البلاد، إلى أن صرت إلى بغداد، و معز الدولة، يطلب قوماً من العرب، ليفرض لهم وينفذهم إلى بعث. فحملني المسيب بن رافع العقيلي، في جماعة، إليه، عرضهم عليه، فأثبتني. فلما وقفت بين يديه، اقتحمتني عينه، لأني دميم. فقال: بيست دينار. فعلمت أنه أراد، عشرين ديناراً. فكلمه المسيب، والمهنا، العقيليان، فزادهما ثلاثة دنانير. فقالا له: رجل له فضل، ومنزلة، وهو من أصله، ومن شجاعته. فقال: لو كان هذا كله حقاً، ما كان يقدر أن يصنع? فقلت لبعض النقباء: أي شيء قال? ففسره لي. قال: فقلت: أيها الأمير، أقدر أضع نفسي على فرس بين يدي ملك مثلك، فأحتال في أمره، حتى آخذه سائساً، ثم أركبه، وقصصت عليه قصته مع فرسه بسنجار، وذكر بيعه وثمنه. فقال: وأنت صاحب الفرس بسنجار? فقلت له: نعم. فضحك، وقال: نزلوه أربعين ديناراً. ففعلوا.
lAhmed
|
01:43 2012/9/03
|
كان الفتكين من موالى معز الدولة بن بويه، فغلب على دمشق وهي حينئذ للعزيز بن نزار بن المعز، فقصده المعز بنفسه، فالتقى الجيشان وجرت مقتلة عظيمة، فانكسر الفتكين وتحصن في الرملة، فقطع عليه الطريق دغفل بن الجراح الطائي البدوي، وحمله فأطلقه وأمر بمداوات جراحه وخلع عليه، فأقام يسيراً مكرماً ثم مات، فكانت هذه الفعلة تعد من مناقب العزيز.
|
|