قصر بخيل
المكان :
الكوفة
تاريخ النشر
:
2024-03-29
تاريخ الحكاية :
326
قال الموسوس الشاعر في قصر يَذمّ صاحبه: يا قَصْرُ شانَكَ بُخْلُ صاحبك الّذي |   | ما فيه مَعْ إِمْسَاكِهِ مُسْتَمْتَعُ |
أَنت العَروسُ لهَا جَمَالٌ فائِقٌ |   | لكِنَّهَا في كلِّ يَومٍ تُصْدَعُ |
ولعلي بن محمد بن نصر ابن بسام الشاعر هجاء كثير، كان لسناً، مطبوعاً في الهجاء، ولم يسلم منه وزير ولا أمير ولا صغير ولا كبير. وله هجاء في أبيه وإخوته وسائر أهل بيته. فمما قاله في أبيه محمد بن نصر: بَنَى أبو جعفر داراً فشيدَهَا |   | ومثله لخيار الدور بَنَّاءُ |
فالجوع داخلها، والذل خارجها |   | وفي جوانبها بؤس وضَرَّاءُ | ما ينفع الدار من تشييد حائطها |   | وليس داخلها خبز ولا ماءُ |
وله فيه: هَبْكَ عُمِّرْتَ عمر عشرين نسراً |   | أترى أنني أموت وتبقى |
فلئن عشتُ بعد يومِك يوماً |   | لأشُقنَّ جيب مالك شقا |
وكان أبوه محمد بن نصر رجلاً مترفاً في نهاية السرو وحسن الزي، ظاهر المروءة، متخصصاً في هيئته ومطعمه وملبسه وتجمل داره. قال أحمد بن حمدون: كنت ألاعب المعتضد بالله بالشطرنج ذات يومٍ إذ دخل عليه القاسم بن عبيد الله وهو وزيره، فاستأمره في شيء وانصرف، فلما ولى أنشد المعتضد قول البسامي في القاسم: قل لأبي القاسم المُرَجـى |   | قابللك الدهر بالعـجائب |
مات لك ابن وكـان زينا |   | وعاش ذو الشين والمعايب |
حياة هذا كموت هذا |   | فلست تخلو من المصائب |
وجعل يكرر البيت الأخير، وعاد القاسم إليه في شغل والمعتضد مشغول باللعب، ولم يعلم بحضوره وهو يردد البيت، فاحتلت حتى أعلمته حضوره، فرفع رأسه إليه واستحيا منه حتى تبين ذلك في وجهه، ثم قال: يا أبا الحسين، وهو أول ما كناه للخجل الذي تداخله- لم لا تقطع لسان هذا الماجن وتدفع شره عنك؟ فانصرف القاسم مبادراً إلى مجلسه ومنتهزاً للفرصة في ابن بسامٍ وأمر بطلبه. قال ابن حمدون: فدهشت وارتعشت يدي في اللعب خوفاً مما يلحق ابن بسامٍ للقرابة التي بيني وبينه. فقال المعتضد: ما لك؟ قلت: يا أمير المؤمنين، القاسم بن عبيد الله لا يصطلى بناره، وكأني به وقد قطع لسان البسامي حنقاً عليه، وهو أحد النبلاء الشعراء فيكون ذلك سبةً على أمير المؤمنين، فأمر بإحضار القاسم وسأله عما فعله في أمر ابن بسامٍ فقال: قد تقدمت إلى مؤنسٍ باحضاره لأقطع لسانه، فقال: يا أبا الحسين، إننا أمرناك أن تقطع لسانه بالبر والصلة والتكرمة ليعدل عن هجائك إلى مدحك. فولاه البريد والجسر بجند قنسرين والعواصم من أرض الشام. وله أيضاً في المعتضد: إلى كم لا نرى ما نرتجيه |   | ولا ينفكُّ من أملٍ كَذُوب |
لئن سَمَّوْكَ معتضداً فإني |   | أظنك سوف تعضد عن قريب |
وتوفي ابن بسام المذكور في صفر سنة ثلاث وثلثمائة عن نيف وسبعين سنة.
غسان
|
04:22 2011/4/01
|
كان للبسامي قبل هذه الرواية أبيات قالها في المعتضد: ترك الناس بحيرة ** وتخلى في البحيرة ... ألخ الأبيات وذلك عندما أمر المعتضد بعمارة البحيرة وأنفق على بناءها ستين ألف دينار ليخلو فيها مع جواريه وفيهن جارية يقال لها دريرة، فلما بلغته الأبيات أمر بتخريب ما استعمره من تلك الأبنية ولم يُظهر لأحد بأنه سمعها. لذلك ذكرها القاسم للمعتضد عندما رجع عن قوله في قطع لسان البسامي. قال يا أمير المؤمنين: لو عرفته حق المعرفة وعلمت ما قاله لاستجزت قطع رأسه، فتبسم المعتضد وقال: يا أبا الحسين، إنما أمرنا بتخريب البحيرة لذلك، فتقدم أنت بإحضاره وأخرج ثلاثمائة دينارٍ فإن ذلك أولى وأحسن من غيره. يقول البساميّ: يا من هجوناه فغنانـا ***أنت وحق الله أهجانا . . وله في هجاء المتوكل عندما هدم قبر الحسين بن علي عليه السلام أبيات أخرى، يقول فيها: تالله إن كانت أمـية قـد أتـت*** قتل ابن بنت نبيها مظلـومـا فلقـد أتاه بنو أبـيه بـمـثـلــه*** هذا لعمرك قبره مـهـدومـا أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا***في قتله فتتبـعـوه رمـيمـا (فتتبعوه رميما)! ولكم جزيل شكري وامتناني.
|
|